إني أرى في الطيور جاها
ويسرا الحمام سيدها وتاج
عرشها
فكم من سطح وضيع بالحمام اضحى قصرا
لابد وأنك شاهدت أسرابًا من
طيور الحمام تحوم فوق المدينة، تتمايل إلى اليمين واليسار، هبوطًا وارتفاعًا على
إشارات شخص يقف على أحد الأسطح. يحمل بيده عصىً طويلة برأسها قطعة قماش سوداء أو
بيضاء، يلوّح بها وكأنه يقول للسرب المحلّق في الهواء ارتفع أكثر أو انخفض
نحوي، وغالبًا ما يخرق “صفير” الشخص الأجواء، ولربما مررت بسوق شعبية أو كنت
على سطح، فتسمع عن مشاجرة بين شخصين أو مجموعتين، سببها وقوع “طير” (حمامة) في يد
أحدهما، فالمعلم الشاطر لا يخسر أيًا من طيوره، لصالح “حميماتي” آخر من المنطقة.
الحميماتي
وهو ما يعرف صاحبها اصطلاحا
بـ “الكشاش”، أي تطيير الحمام في أسراب تسمى محليًا “كشات”، يجب التفريق من يربي
الحمام أو الطيور بقصد الزينة، وبين من يمارس مهنة “الكش”، ويعرف الحميمياتي بأنه
“كذاب”، أو “يكش” بحسب العبارة الدارجة محليًا، فهو لا يعترف بأنه استولى على طيور
غيره، ومستعد ليقسم على ذلك. وغالبًا ما يعمل بها أشخاص ذوو مزاج خاص، فهي
تحتاج إلى أوقات فراغ، وذهن صاف، “وكاريزما” محددة،
كانت خلال السنوات الخمس
الماضية من الهوايات أو المهن التي تشارف على الاندثار، العرف المجتمعي يقول إن
“الحميمياتي” لا تقبل شهادته في المحاكم لأنه يكذب كثيرًا،